منكم إلا واردها} (١).
فهذا يُشعر أنه من حُمَّ من المؤمنين فقد ورد النار؛ لأن الحمى من فيح جهنم، وأنه قد أخذ بحظه منها.
والتفسير الصحيح هو المدلول عليه بالأخبار والآثار.
فإن قيل: فما تصنع بقوله تعالى: ﴿إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون * لا يسمعون حسيسها﴾ [الأنبياء: ١٠١-١٠٢]، وبقوله: ﴿إنك من تدخل النار فقد أخزيته﴾ [آل عمران: ١٩٢] والمؤمنون آمنون من الخزي؟
قلت: لا يلزم من ورود النار على الوجه الذي ذكرناه سماع حسيسها ولا الدخول على وجه الخزي، فإن ذلك إنما يكون إذا دخلها دخول تعذيب وخُلود، لا دخول وُرود.
قوله تعالى: ﴿كان على ربك﴾ يعني: ورودهم النار ﴿حتماً مقضياً﴾ أمراً كائناً لازماً جازماً قضاه الله تعالى على نفسه وحتمه على خلقه.
قوله تعالى: ﴿ثم نُنَجّي الذين اتقوا﴾ وقرأ الكسائي ويعقوب: "نُنْجي" بالتخفيف (٢).
وقرأ [ابن يعمر] (٣) وأبو مجلز وعاصم الجحدري: "ثَم" بفتح الثاء (٤)، على
(٢)... الحجة لابن زنجلة (ص: ٤٤٦)، والكشف (٢/٩١)، والنشر (٢/٢٥٩)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٣٠٠)، والسبعة في القراءات (ص: ٤١١).
(٣)... في الأصل: أبو عامر. والتصويب من زاد المسير (٥/٢٥٧).
(٤)... انظر: زاد المسير (٥/٢٥٧).
(١/٤٥٣)