قلتُ: لِيُرِيَهُ بعد التثبُّت في عصاهُ والتأمل لها، عجائبَ قدرته وبدائع صنعته من قلب الخشبة اليابسة حَيَّةً تسعى، وليُنَبِّهَهُ على هذه الآية الباهرة والمعجزة الظاهرة ليؤنسه (١) بسؤاله، مخففاً عنه ما خامره في ذلك المقام من ثقل الخوف وفرط الهيبة والإجلال.
﴿قال هي عَصَايَ﴾ وقرأ الحسن: "عصايِ" بكسر الياء؛ لالتقاء الساكنين (٢). وفيها ضعف؛ لأنهم يستثقلون الكسرة على الياء، ومنهم من سكن الياء لوقوع المدة حائلة بين الساكنين.
وقرأ ابن أبي إسحاق: "عَصَيَّ" على لغة هذيل (٣)، ومثلُه: "يا بشريّ"، أرادوا كسر ما قبل ياء المتكلم فلم يقدروا عليه، فقلبوا الألف إلى أخت الكسرة.
﴿أتوكأ عليها﴾ أعتمد عليها إذا وثبت أو تعبت، ﴿وأَهُشُّ بها على غنمي﴾ قال الفراء (٤) : أضرب بها الشجر اليابس ليسقط ورقها فترعاه الغنم.
يقال: هَشَّ يَهُشُّ هَشَّاً؛ إِذَا خَبَطَ الشجر (٥).
وقرأ عكرمة: "وأَهُسُّ" بالسين المهملة (٦)، من الهَسّ، وهو زَجْرُ الغنم (٧)، يقال: رجل هَسَّاسٌ، أي: سَوَّاقٌ.
(٢)... انظر: البحر المحيط (٦/٢٢٠).
(٣)... انظر: المصدر السابق.
(٤)... معاني الفراء (٢/١٧٧).
(٥)... انظر: اللسان (مادة: هشش).
(٦)... انظر: البحر المحيط (٦/٢٢٠).
(٧)... انظر: اللسان (مادة: هسس).
(١/٤٩٦)