منافع عصاه (١).
فإن قيل: "المآرب" جمع، فكيف قال: "أخرى" ولم يقل: "أُخَر"؟
قلتُ: قال الزجاج (٢) : المآرب في معنى: جماعة، فكأنه قال: جماعة من الحاجات أخرى.
﴿قال أَلقِها يا موسى * فألقاها فإذا هي حية تسعى﴾ قال المفسرون: أراد الله أن يُري موسى ما أعطاه من الآية التي لا يقدر عليها مخلوق؛ لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون (٣).
فإن قيل: كيف الجمع بين قوله: ﴿فإذا هي حَيَّةٌ﴾ وبين قوله في الأعراف: ﴿فإذا هي ثعبان مبين﴾ [الأعراف: ١٠٧]، وقوله (٤) في موضع آخر: ﴿كأنها جَانٌّ﴾ [النمل: ١٠] وبين هذه الأوصاف من حيث إن الثعبان أعظم الحيات، والجانّ ما دَقَّ منها؟
قلتُ: وجه الجمع أن يقال: الحية: اسم جنس، يقع على الذَّكَر والأنثى، والصغير والكبير. ثم وَصْفُها بأنها ثعبان أو جَانّ لا يخلو إما أن يكون حال انقلابها حية كأنها جان، ثم يتزايد جِرْمها حتى يصير ثعباناً، فهي جانّ في الابتداء، ثعبان في الانتهاء. وإما أن تكون في شخص الثعبان وسرعة حركة الجانّ. وإما أن يتنوع

(١)... وقد أبدى بعض المفسّرين نكتة في ذلك؛ وهي أن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام أراد أن يتلذذ بطول المناجاة مع ربه تبارك وتعالى، ولهذا أطال الكلام عن العصا.
(٢)... معاني الزجاج (٣/٣٥٥).
(٣)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/٢٠٤)، وابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٧٩).
(٤)... في ب: وبين قوله.
(١/٤٩٨)


الصفحة التالية
Icon