قوله تعالى: ﴿لعله يتذكر أو يخشى﴾ التَّرَجِّي لهما، أي: اذهبا على رجائكما، أو ادعواه على الرجاء والطمع لا على اليأس من فلاحه. هذا مذهب سيبويه (١).
وقال الفراء وكثير من المفسرين والنحويين (٢) :"لعله" بمعنى: لكي (٣). وقد سبق ذكره.
فإن قيل: ما الفائدة في إرسالهما إليه مع العلم بأنه لا يؤمن؟
قلتُ: إلزام الحجة وقطع المعذرة. قال الله تعالى: ﴿ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك﴾ [طه: ١٣٤].
قالآ رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (٤٥) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إسراءيل وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (٤٧) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى
﴿قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا﴾ قال الزجاج (٤) : يبادر بعقوبتنا. يقال: قد
(٢)... لم أقف عليه في المطبوع من معاني الفراء.
(٣)... ولابن جرير الطبري هنا رأي أردت إضافته للمقام، قال: معنى "لعل" هاهنا الاستفهام، كأنهم وجهوا معنى الكلام إلى: فقولا له قولاً ليناً فانظرا هل يتذكر ويراجع، أو يخشى فيرتدع عن طغيانه (الطبري ١٦/١٦٩).
... قال أبو حيان في البحر (٦/٢٣٠) : والصحيح أنها على بابها من الترجي، وذلك بالنسبة إلى البشر.
(٤)... معاني الزجاج (٣/٣٥٨).
(١/٥١٢)