موسى عن رب العالمين، فأجابه بقوله: ﴿رب السموات والأرض وما بينهما﴾ [الشعراء: ٢٤]، فلم يُعرّج موسى على هذا الإيهام فقال: ﴿ربكم ورب آبائكم الأولين﴾ [الشعراء: ٢٦]، فأجاب اللعين في السَّفَهِ حين تَغَلْصَمَ بالحق وشَرِقَ به فقال: ﴿إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون﴾ [الشعراء: ٢٧].
وقيل: المعنى: فما بال القرون الأولى لا تُبْعث.
﴿قال علمها﴾ أي: علم القرون الأولى المؤمن منهم والكافر، والشقي والسعيد، وما كان منهم من قول أو عمل ﴿عند ربي في كتاب لا يضل ربي﴾ لا يخطئ ﴿ولا ينسى﴾ ما كان من أمرهم.
تقول: ضَلَلْتُ الشَّيْءَ؛ إذا أخطأته (١).
وقيل: اشتقاق الضلال من الغيبوبة، ومنه: ضَلَّ الماء في اللَّبَن. فالمعنى: لا يغيبُ عن شيء، ولا يغيبُ عنه شيء.
ويلوح لي في قول موسى لفرعون: ﴿لا يضل ربي ولا ينسى﴾ أنه قصد [شَيْنَ] (٢) فرعون وَعَيْبَهُ بإثباته له تلويحاً، ما نَفَاهُ عن الرَّبّ عز وجل من الضلال والنسيان تصريحاً، ولم يُصرح له بذلك عملاً بقوله: ﴿فقولا له قولاً ليناً﴾.
وقوله (٣) :"علمها": مبتدأ، خبره: "في كتاب"، وقوله: "عند ربي" معمول الخبر (٤)، التقدير: علمها ثابت في كتاب عند ربي.

(١)... انظر: اللسان (مادة: ضلل).
(٢)... في الأصل: شيئين. والتصويب من ب.
(٣)... في الأصل زيادة قوله: "علمها عند ربي في كتاب". وهو وهم من الناسخ.
(٤)... انظر: التبيان (٢/١٢٢)، والدر المصون (٥/٢٦).
(١/٥١٧)


الصفحة التالية
Icon