هذان إلا ساحران". وروي عنه: "إنْ هذان إلا ساحران".
قال بعضهم: وقراءة ابن كثير جيدة، جمع فيها بين اتّباع المصحف وصحة الإعراب.
وأما الباقون؛ فلما قرأوا به وجوه:
أحدها: ما قاله ابن الأنباري: أنها لغة لبني الحارث بن كعب (١) وافقتها لغة قريش (٢).
قال الزجاج (٣) : وحكى أبو عبيدة (٤) عن أبي الخطاب -وهو رأس من رؤوس الرواة-: أنها لغة لكِنَانة، يجعلون ألف الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد. تقول: أتاني الزيدان، ورأيت الزيدان، ومررت بالزيدان، وأنشدوا:
فَأَطْرَقَ إِطْرَاقَ الشُّجَاعِ وَلَوْ يَرَى... مَسَاغاً لِنَابَاهُ الشُّجَاعُ لصَمَّمَا (٥)

(١)... بلحارث بن كعب: فخذ من القحطانية، وهم بنو بلحارث بن كعب، من مذحج (نهاية الأرب للنويري ٢/٣٠٣، ومعجم قبائل العرب ١/١٠٢).
(٢)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٩٨).
(٣)... معاني الزجاج (٣/٣٦٢).
(٤)... مجاز القرآن (٢/٢١).
(٥)... البيت للمُتَلَمّس، وهو جرير بن عبد المسيح، وأخواله بنو يشكر، كان نديماً لعمرو بن هند مع ابن أخته طرفة، وقصة صحيفته مشهورة، وكان قد نشأ في أخواله بني يشكر، فسأل عمرو بن هند خاله الحارث، فتردد في نسبه، فقال عمرو: ما أراه إلا كالساقط بين الفراشين، فلما بلغ ذلك المتلمس قال قصيدة يعاتب فيها خاله.
انظر البيت في: ابن يعيش (٣/١٢٨)، والأشموني (١/٧٩)، ومعاني الفراء (٢/١٨٤)، ومعاني الزجاج (٣/٣٦٢)، واللسان، مادة: (صمم)، والطبري (١٦/١٨٠)، والقرطبي (١١/٢١٧)، والماوردي (٣/٤١١)، وزاد المسير (٥/٢٩٨)، والاستيعاب (٣/١١٥٩)، وروح المعاني (١٦/٢٢٣).
... ومعنى صَمَّمَ: عَضَّ في العظم. والشُّجاع: الذَّكر من الحيّات.
... ومحل الشاهد في البيت: "لناباه" حيث أجراه بالألف مع وجود حرف الجر، وذلك كالمقصور، وكان من حق الكلام: "لنابيه".
(١/٥٢٨)


الصفحة التالية
Icon