وقرأ ابن مسعود: "كَيْدَ" بالنصب (١). فمن رفع جعل "ما" موصولة.
قال الزجاج (٢) : على معنى: أن الذي صنعوه كيد ساحر، على خبر "إِنَّ"، و"ما" اسم. ومن نصب جعلها "إِنَّما" الكافة.
قال الزجاج (٣) : جعل "ما" تمنع "إِنَّ" العمل، ليسوغ للفعل أن يكون بعدها، وينصب "كَيْدَ ساحر" بـ"صَنَعُوا"، كما تقول: إنما ضربتُ زيداً.
وقرأ حمزة والكسائي: "كَيْدُ سِحْرٍ" (٤)، على معنى: كيدٌ ذي سِحْرٍ، أو على معنى: [تبيين] (٥) الكيد؛ لأنه يكون سِحْراً وغير سِحْر، كما تَبِينُ المائة بدرهم.
وقيل: جعلهم لِتَوَغُّلِهِمْ في السِّحر كأنهم السِّحْرُ بعينه.
﴿ولا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حيث أتى﴾ أي: أَيَّةَ سَلَكَ وأينما كان.
وروى جندب بن عبدالله البجلي أن رسول الله - ﷺ - قال: ((إذا أخذتم الساحر فاقتلوه، ثم قرأ: ﴿ولا يفلح الساحر حيث أتى﴾ قال: لا يَأْمَنُ حَيْثُ وُجِدَ)) (٦).
فأُلقى السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (٧٠) قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ

(١)... انظر: زاد المسير (٥/٣٠٦).
(٢)... معاني الزجاج (٣/٣٦٧).
(٣)... معاني الزجاج (٣/٣٦٧).
(٤)... الحجة للفارسي (٣/١٤٧)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٤٥٨)، والكشف (٢/١٠٢)، والنشر (٢/٣٢١)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٣٠٥)، والسبعة في القراءات (ص: ٤٢١).
(٥)... في الأصل: يتبين. والتصويب من ب.
(٦)... أصل الحديث أخرجه الترمذي (٤/٦٠) ولفظه: "حَدُّ الساحر ضربةٌ بالسيف"، وابن أبي حاتم (٧/٢٤٢٧). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/٥٨٦) وعزاه لابن أبي حاتم وابن مردويه.
(١/٥٣٧)


الصفحة التالية
Icon