وقرأ أبو عمرو في رواية هارون عنه: "فَاتَّبَعَهُمْ" بالتشديد (١).
قال الزجاج (٢) : يقال: تَبِعَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ واتَّبَعَهُ بمعنى واحد. ومن قرأ بالتشديد ففيه دليل على أنه اتَّبَعَهُم ومعه جنوده. ومن قرأ: "فَأَتْبَعَهُم" فمعناه: ألحق بهم جنوده. وجائز أن يكون معهم على ذا اللفظ. وجائز أن لا يكون معهم إلا أنه قد كان معهم.
﴿فغشيهم﴾ أي: غطّاهم ﴿من اليمّ ما غشيهم وأضل فرعون قومه﴾ حين دعاهم إلى عبادته، ﴿وما هدى﴾ تكذيبٌ له في قوله: ﴿وما أهديكم إلا سبيل الرشاد﴾ [غافر: ٢٩].
يابني إسراءيل قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى
ثم ذكّر بني إسرائيل نِعَمَهُ فقال: ﴿يا بني إسرائيل﴾ أي: قلنا يا بني إسرائيل.
وقيل: هو خطابٌ للموجودين في زمن النبي - ﷺ - منهم.
﴿قد أنجيناكم من عدوكم﴾ قرأ حمزة والكسائي: "قد أَنْجَيْتُكُم"، "وَوَاعَدْتُكُم"، "مَا رَزَقْتُكُم" على لفظ الواحد. وقرأ الباقون بالنون والألف، على

(١)... الحجة للفارسي (٣/١٤٩)، والسبعة في القراءات (ص: ٤٢٢).
(٢)... معاني الزجاج (٣/٣٧٠).
(١/٥٤٦)


الصفحة التالية
Icon