ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى} من المعيشة الضَّنْك والمحشر على العَمى.
قوله: ﴿أفلم يَهْدِ لهم﴾ قال علي بن الحسين النحوي الأصبهاني: فاعل "يَهْدِ" مُضْمَرٌ دَلَّ عليه ﴿كم أهلكنا﴾، تقديره: أفلم يتبين لهم إهلاكنا، ولا يكون "كم أهلكنا" فاعلاً ولا مفعولاً، على معنى: أفلم يُبين الله إهلاكه لهم؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، فلا يكون "كَمْ" معمولاً لـ"يَهْدِ"، ولكنه منصوبٌ بـ"أهلكنا"، وهو مفعول مُقَدَّمٌ، وتفسيره محذوف، والتقدير: كم قرية أهلكنا (١).
وقال الزمخشري (٢) : فاعل "لم يَهْدِ" الجملة بعده [بريد: ألم يهد لهم، هذا بمعناه ومضمونه] (٣)، ونظيره قوله: ﴿وتركنا عليه في الآخرين * سلام على نوح في العالمين﴾ [الصافات: ٧٨-٧٩]. أي: وتركنا [عليه] (٤) هذا الكلام.
ويجوز أن يكون فيه ضمير الله أو الرسول، ويدل عليه القراءة بالنون.
قلتُ: وبها قرأتُ لزيد عن يعقوب (٥).
وكانت قريش تمرّ بديار عاد وثمود وتشاهد آثار وقائع الله بهم، فذلك قوله: ﴿يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهي﴾ أي: لَعِبَراً ودلالات وعلامات على عظيم انتقام الله ممن أشرك به وكذب رسله لأرباب العقول.
قوله تعالى: ﴿ولولا كلمة سبقت من ربك﴾ وهي العِدَةُ بتأخير عقابهم إلى يوم

(١)... التبيان (٢/١٢٨)، والدر المصون (٥/٦٣-٦٤).
(٢)... الكشاف (٣/٩٦).
(٣)... زيادة من الكشاف، الموضع السابق.
(٤)... زيادة من الكشاف، الموضع السابق.
(٥)... انظر: زاد المسير (٥/٣٣٣).
(١/٥٨١)


الصفحة التالية
Icon