قوله تعالى: ﴿وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً يُوحَى إليهم﴾ جواب لقولهم: ﴿هل هذا إلا بشر مثلكم﴾.
وقرأ حفص: "نُوحِي" بالنون وكسر الحاء (١).
﴿فاسألوا﴾ يا أهل مكة ﴿أهل الذِّكْرِ﴾ يعني: علماء أهل الكتاب الذين هم على مثل رأيكم في تكذيب رسولي ﴿إن كنتم لا تعلمون﴾ أن الله يَصْطَفِي من البشر رُسُلاً، فإنهم لا يكتمون ذلك ولا ينكرونه، فإنهم لو كتموا ذلك أو أنكروه أصيبت مَقَاتِلُهُم، ولزمتهم الحجة، وظهرت فضائحهم، وبَانَ كذبُهُم وباطلُهُم.
قوله: ﴿وما جعلناهم﴾ يعني: الرسل ﴿جَسَداً لا يأكلون الطعام﴾ قال الزجاج (٢) : هو واحد ينبئ عن جماعة، أي: وما جعلناهم ذوي أجساد لا يأكلون الطعام.
والمقصود من ذلك: الردّ عليهم، وإبطال ما كانوا يلمزون به الرسول - ﷺ - في قولهم: ﴿مَالِ هذا الرسول يأكل الطعام﴾ [الفرقان: ٧].
وفي قوله أيضاً: ﴿وما كانوا خالدين﴾ رَدٌ لما دلّ عليه قولهم: ﴿هل هذا إلا بشر مثلكم﴾ من اعتقاد أنه ينبغي أن يكون الرسول مَلَكاً مُخَلَّداً لا يَطْعَم.
قوله تعالى: ﴿ثم صدقناهم الوعد﴾ أي: أنجزنا المرسلين ما وعدناهم به من الإنجاء والظَّفَر بالأعداء، ﴿فأنجيناهم ومن نشاء﴾ يعني: المؤمنين ﴿وأهلكنا المسرفين﴾ وفي هذا تخويف لكُفّار مكة.
(٢)... معاني الزجاج (٣/٣٨٥).
(١/٥٩٥)