وتأويل هيهات: البُعْد.
قال الزمخشري (١) : فإن قلت: "ما توعدون" هو المستبعد، ومن حقه أن يرتفع بـ"هيهات"، كما ارتفع في قوله:
فهيهاتَ هيهاتَ العقيقُ وأهلُهُ................................
فما هذه اللام؟
قلت: قال الزجاج في تفسيره (٢) : البعد لما توعدون، أو بعدٌ لما توعدون فيمن نوّن فنزَّلَه منزلة المصدر (٣).
وفيه وجه آخر: وهو أن تكون اللام لبيان المستبعد ما هو بعد التصويت بكلمة الاستبعاد، كما جاءت اللام في ﴿هيت لك﴾ [يوسف: ٢٣] لبيان المُهيَّتِ به.
وقال غير الزجاج والزمخشري: هيهات اسم لبَعُدَ، وبَعُدَ فعل ماض يحتاج إلى الفاعل، وفاعله مضمر تقديره: هيهات إخراجكم لوعدكم. وأنكر قول الزجاج فقال: لو كان هيهات في معنى البُعْد لم يجب بناؤه؛ لأن البعد معْرَب، وإنما بُنِي

(١)... الكشاف (٣/١٨٩).
(٢)... انظر: الإغفال (ص: ١١٢٣).
(٣)... قال أبو حيان في البحر (٦/٣٧٤) : وقول الزمخشري: فمن نوّنه نزّله منزلة المصدر ليس بواضح؛ لأنهم قد نوّنوا أسماء الأفعال، ولا نقول: إنها إذا نوّنت تنزلت منزلة المصدر. اهـ.
... وقال السمين الحلبي في الدر المصون (٥/١٨٣) : قلت: الزمخشري لم يقل كذا، إنما قال: "فمن نوّنه نزّله منزلة المصدر" لأجل قوله: أو بُعْدٌ. فالتنوين علة لتقديره إياه نكرة لا لكونه منزّلاً منزلة المصدر، فإن أسماء الأفعال ما نوّن منها نكرة، وما لم ينوّن معرفة، نحو: صَهْ وصَهٍ، فقدّر الأول بالسكون، والثاني بسكوت ما. اهـ.
(١/١٢٠)


الصفحة التالية
Icon