وقيل: معنى الآية: أفلم يدبروا القول فيخافوا عند تَدَبُّر أقاصيصه ومواعظه مثل ما نزل بمن قبلهم من المكذبين، أم جاءهم من الأمن ما لم يأت آباءهم.
قوله تعالى: ﴿أم لم يعرفوا رسولهم﴾ معناه: أم لم يعرفوا رسولهم محمداً - ﷺ - وصحة نسبه وكرم عنصره ورجاحة عقله وظهور صدقه وأمانته ﴿فهم له منكرون﴾.
والمقصود من هذه الآية: تقريعهم وتوبيخهم بالإعراض عنه بعدما عرفوا ذلك منه.
﴿أم يقولون به جِنّة﴾ أي: جنون، وكانوا رموه بذلك بهتاناً وعناداً حين لم يجدوا للحق الذي جاءهم به مدفعاً، ﴿بل جاءهم بالحق﴾ الذي لا تخفى صحته، ﴿وأكثرهم للحق كارهون﴾.
قال صاحب الكشاف (١) : إن قلت قوله: "وأكثرهم" فيه أن أقلّهم كانوا لا يكرهون الحق؟
قلت: كان فيهم من يترك الإيمان به أنَفَةً واستنكافاً من توبيخ قومه وأن يقولوا: صَبَأ وترك دين آبائه، لا كراهة للحق، كما يُحكى عن أبي طالب.
فإن قلت: يزعم بعض الناس أن أبا طالب صَحَّ إسلامه؟
قلتُ: يا سبحان الله! كأن أبا طالب كان [أخمل] (٢) أعمام رسول الله - ﷺ -، حتى يشتهر إسلام حمزة والعباس، ويخفى إسلام أبي طالب.
قوله تعالى: ﴿ولو اتبع الحق أهواءهم﴾ قال مجاهد وأبو صالح وابن جريج:

(١)... الكشاف (٣/١٩٧-١٩٨).
(٢)... في الأصل: أجمل. والتصويب من ب، ومن الكشاف (٣/١٩٨).
(١/١٤١)


الصفحة التالية
Icon