السبل، وخلق الجبال والرمال والأكوام وما فيها في يومين آخرين، فذلك قوله: ﴿والأرض بعد ذلك دحاها﴾، وقوله: ﴿أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين * وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين﴾ فجعلت الأرض وما فيها من شيء في أربعة أيام، وجعلت السماوات في يومين.
وأما قوله: ﴿كان الله غفوراً رحيماً﴾، ﴿وكان الله عزيزاً حكيماً﴾، ﴿وكان الله سميعاً بصيراً﴾ فإن الله جعل نفسه ذلك وسمَّى نفسه ذلك، ولم ينحله أحداً غيره، "وكان الله" أي: لم يزل كذلك.
ثم قال ابن عباس: احفظ عني ما حدّثتك، واعلم أن ما اختلف عليك من القرآن أشباه ما حدّثتك به، فإن الله تعالى لم ينزل شيئاً إلا قد أصاب به الذي أراد، ولكن الناس لا يعلمون، فلا يختلفن عليك القرآن، فإن كلاً من عند الله)) (١). هذا حديث ذكره البخاري في كتابه بأن قال: وقال المنهال بن عمرو فذكره.
وقد سبق ذكر الميزان في أول الأعراف (٢).
قوله تعالى: ﴿في جهنم خالدون﴾ بدل من قوله: ﴿خسروا أنفسهم﴾، أو خبر بعد خبر لـ"أولئك"، أو خبر مبتدأ محذوف (٣).

(١)... أخرجه البخاري (٤/١٨١٥-١٨١٦ ح٤٥٣٧)، والطبراني في الكبير (١٠/٢٤٥-٢٤٦ ح١٠٥٩٤).
(٢)... آية رقم: ٨.
(٣)... هذا قول الزمخشري في الكشاف (٣/٢٠٦). وانظر: الدر المصون (٥/٢٠٢).
... وقال أبو حيان في البحر (٦/٣٨٨) : جعل "في جَهَنَّمَ" بدلاً مِنْ "خَسِرُواْ" وهذا بدل غريب، وحقيقته: أن يكون البدل الفعل الذي يتعلّق به "في جَهَنَّمَ"، أي: استقروا في جهنم، وهو بدل شيء من شيء؛ لأن من خسر نفسه استقر في جهنم. اهـ.
... وقال السمين الحلبي في الدر المصون (٥/٢٠٢) : جعل الشيخ -يعني أبو حيان- الجار والمجرور، البدل دون "خالدون"، والزمخشري جعل جميع ذلك بدلاً، بدليل قوله بعد ذلك: "أو خبراً بعد خبر لأولئك، أو خبر مبتدأ محذوف". وهذان إنما يلتقيان بـ "خالدون" وأما "في جهنم" فمتعلق به، فيحتاج كلام الزمخشري إلى جواب، وأيضاً فيصير "خالدون" مفلتاً. اهـ.
(١/١٦٤)


الصفحة التالية
Icon