زان أو مشرك} فدعاني فقرأها وقال لي: لا تنكحها)) (١).
وقال أكثر المفسرين: كان بالمدينة نساء بغايا، وكنّ يَكْرِين أنفسهن، وهن يومئذ أخصب أهل المدينة، فلما قدم المهاجرون المدينة رغب في كسبهن ناس من فقرائهم، وقالوا: لو أنا تزوجناهن لَعِشْنا معهن إلى أن يغنينا الله من فضله، فاستأذنوا رسول الله - ﷺ - في ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
وحرّم فيها نكاح الزانية؛ صيانة للمؤمنين من هذه الرذيلة، وحفظاً لأنسابهم، ومحاماة على أحسابهم، وأخبر أن من فعل ذلك وتزوج بواحدة منهن فهو زانٍ، وهذا الخبر في معنى النهي.
ومذهب إمامنا أحمد: أنه إذا زنا بامرأة لم يجز له أن يتزوجها حتى يتوبا (٣).
وذهب سعيد بن المسيب في آخرين: إلى أن هذه الآية منسوخة بعموم قوله تعالى: ﴿وأنكحوا الأيامى منكم﴾ (٤) [النور: ٣٢].
وقد روي عن ابن عباس أنه قال: ليس هذا النكاح ولكن الجماع، ولا يزني بها

(١)... أخرجه أبو داود في (٢/٢٢٠ ح٢٠٥١).
(٢)... أخرج نحوه الطبري (١٨/٧٠). وذكره الواحدي في الوسيط (٣/٣٠٤)، والسيوطي في الدر المنثور (٦/١٢٧-١٢٩).
(٣)... انظر: زاد المسير (٦/٩).
(٤)... أخرجه ابن أبي شيبة (٣/٥٤٠ ح١٦٩٢٢)، والبيهقي في سننه (٣/١٥٤ ح١٣٦٤٦)، والطبري (١٨/٧٤-٧٥). وذكره الواحدي في الوسيط (٣/٣٠٤)، والسيوطي في الدر (٦/١٣٠) وعزاه لسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي داود وأبي عبيد معاً في التاريخ وابن جريج وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
(١/١٨٦)


الصفحة التالية
Icon