[قلتُ] (١) : ومما يؤيد ذلك: ما أخبرنا به شيخنا الإمام أبو محمد عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي قدَّسَ الله روحه قراءة عليه بدمشق، والشيخ أبو بكر محمد بن سعيد بن الموفق الخازن، شيخ رباط الصوفية بدار الذهب ببغداد بقراءتي عليه، قالا: أخبرنا أبو زرعة [طاهر بن] (٢) محمد بن طاهر المقدسي، أخبرنا أبو الحسن مكي بن منصور بن علان الكرجي، أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، أخبرنا سفيان بن عيينة، قال: سمعت الزهري قال: ((زعم أهل العراق أن شهادة القاذف لا تجوز، فأشهد لأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكرة: تُب تُقبل شهادتك، أو إن تُبْتَ قُبلت شهادتك)) (٣).
فإن قيل: ما محل قوله: "إلا الذين تابوا" من الإعراب؟
قلتُ: إن كان الاستثناء من الفسق فقط فهو منصوب؛ لأنه استثناء عن موجب، وإن كان من مجموع الأمرين فهو مجرور على البدل من "هم" في قوله: ﴿ولا تقبلوا لهم﴾ (٤).
فإن قيل: ما الفرق بين المسلم إذا قَذَفَ ثم تاب وأناب لا تقبل شهادته عند

(١)... في الأصل: وقلت. والمثبت من ب.
(٢)... زيادة على الأصل. وقد تقدم.
(٣)... أخرجه الشافعي في مسنده (١/١٥١).
(٤)... هذا قول الزمخشري في الكشاف (٣/٢١٨). وانظر: التبيان (٢/١٥٣-١٥٤)، والدر المصون (٥/٢٠٩).
(١/١٩٣)


الصفحة التالية
Icon