والمعنى: لا تحسبوا الإفك ﴿شراً لكم﴾ نظراً إلى ما لحقكم من الأذى في هذه الدار الفانية، ﴿بل هو خير لكم﴾ لإفضائه بكم إلى النعيم الأبدي في الآخرة وشرف المنزلة في الدنيا؛ بإظهار براءة الحَصَان الرَّزَان (١)، الكريمة الأخلاق، الطاهرة الأعراق، أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وثناء الله تعالى عليها بوحْي يُتلى إلى يوم القيامة في مجامع العباد وجوامع العباد.
وفي هذه الآية مُستدلٌ لمن يعتقد أن المناسب ينخرم بالمعارض، وهي قضية مختلف فيها بين أرباب الجدل.
﴿لكل امرئ منهم﴾ أي: من العصبة الكاذبة ﴿ما اكتسب من الإثم﴾ أي: جزاء ما اجترح من الإثم على قدر خوضه فيه.
﴿والذي تولى كبره منهم﴾ (٢) وقرأتُ ليعقوب: "كُبْرَهُ" بضم الكاف (٣).
قال الكسائي (٤) : وهما لغتان.
قال ابن قتيبة (٥) : كُبْرُ الشيء: مُعْظَمُه، وأنشدوا:
تنامُ عن كُبْرِ شأنِها فإذا...... قامتْ رُويداً تكادُ تَنْغَرف (٦)

(١)... الحصان: العفيفة (اللسان، مادة: حصن).
... والرَّزَان: يقال: امرأة رزان: إذا كانت ذات ثبات ووقار وعفاف (اللسان، مادة: رزن).
(٢)... في الأصل زيادة: له عذاب أليم. وهو خطأ.
(٣)... النشر (٢/٣٣١)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٣٢٣).
(٤)... انظر قول الكسائي في: زاد المسير (٦/١٩).
(٥)... تفسير غريب القرآن (ص: ٣٠١).
(٦)... البيت لقيس بن الخطيم، انظر: ديوانه (ص: ١٧)، واللسان، (مادة: كبر)، والقرطبي (١٢/٢٣٦)، والتمهيد لابن عبد البر (٢٢/٢٧٦) وفيهما: "تنقصف" بدل "تنغرف"، وزاد المسير (٦/١٩)، وروح المعاني (٢٣/١٨٠).
(١/٢١١)


الصفحة التالية
Icon