الأمر فيها على الظن لا على الشك، وأن يقول بملء فيه بناء على ظنه بالمؤمن [من الخير] (١) :"هذا إفك مبين". وهذا من الأدب الحسن الذي قلّ القائم به والحافظ له، وليْتَكَ تجد من يسمع فيسكت ولا يُشيع ما سمعه بأخواتٍ.
قوله تعالى: ﴿لولا جاؤوا عليه﴾ أي: هلاَّ جاؤوا على قذفهم عائشة ﴿بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله﴾ أي: في حكمه ﴿هم الكاذبون﴾.
قلتُ: وما أوضح الدليل في هذه الآية وأبينه على وجوب تكذيب القاذف إذا لم يُقِم البيّنة ولو كان صادقاً في نفس الأمر؛ لأن الله تعالى قد جعل الفصل بين الرمي الصادق والكاذب إقامة البينة وعدم إقامتها.
ںولولا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٤) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (١٦) يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
قوله تعالى: ﴿ولولا فضل الله عليكم ورحمته﴾ أي: لولا أن الله تفضَّل عليكم ورحمكم ﴿في الدنيا﴾ بالإمهال للتوبة، ﴿و﴾ في ﴿الآخرة﴾ بالعفو والمغفرة، ﴿لمسكم﴾ أيتها العُصْبَة ﴿فيما أفضتم فيه﴾ أي: بسبب ما خضتم فيه من

(١)... في الأصل: بالخير. والتصويب من ب، ومن الكشاف، الموضع السابق.
(١/٢١٥)


الصفحة التالية
Icon