وليصفحوا} أمرٌ لهم بالتجاوز عن هذه الجريمة القبيحة؛ شكراً لله على ما أنعم عليهم به من الثناء المؤبد والثواب المخلد.
وفي قوله: ﴿ألا تحبون أن يغفر الله لكم﴾ إيذان بأن الحسنة تقابل في الجزاء بمثلها.
﴿والله غفور﴾ كثير المغفرة، فهو يقابل الغُفْران بأمثاله مضاعفاً إلى ما لا يعلمه إلا هو ﴿رحيم﴾ بالمؤمنين.
قوله تعالى: ﴿إن الذين يرمون المحصنات﴾ أي: العفائف ﴿الغافلات﴾ عما قُذِفْنَ به من الفاحشة، التّقيات القلوب، الطاهرات الجيوب، كعائشة رضي الله عنها، ﴿المؤمنات﴾ المصدّقات بما يجب التصديق به، ﴿لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم﴾.

فصل


اختلف العلماء فيمن نزلت هذه الآية؛ فروى العوام بن حوشب عن شيخ من بني كاهل قال: فَسَّرَ ابن عباس سورة النور، فلما أتى على هذه الآية قال: هذه في شأن عائشة وأزواج النبي - ﷺ - خاصة، وهي مبهمة ليس (١) فيها توبة، ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة، ثم قرأ: ﴿والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء -إلى قوله-: إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا﴾ فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأولئك توبة. قال: فَهَمَّ رجلٌ أن يقوم فيُقبِّلَ رأسه من حُسْنِ ما فَسَّر (٢).
(١)... في ب: فليس.
(٢)... أخرجه الطبري (١٨/١٠٤)، والطبراني في الكبير (٢٣/١٥٣ ح٢٣٤). وذكره السيوطي في الدر (٦/١٦٥) وعزاه لسعيد بن منصور وابن جرير والطبراني وابن مردويه.
(١/٢٢٢)


الصفحة التالية
Icon