وأنه يوفيهم جزاءهم الواجب الذي هم أهله، حتى يعلموا عند ذلك "أن الله هو الحق المبين"، فأوجز في ذلك وأشبع، وفصَّل وأجْمَل، وأكَّدَ وكَرَّر، وجاء بما لم يقع في وعيد المشركين عبدة الأوثان، وإنما هو دونه، وما ذاك إلا لأمر.
وعن ابن عباس: أنه كان بالبصرة يوم عرفة، وكان يُسأل عن تفسير القرآن، حتى سُئل عن هذه الآيات، فقال: من أذنب ذنباً ثم تاب منه قُبلت توبته، إلا من خاض في أمر عائشة رضي الله عنها، وهذا [منه] (١) مبالغة وتعظيم لأمر الإفك (٢).
الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
قوله تعالى: ﴿الخبيثات للخبيثين﴾ قال أكثر المفسرين: الخبيثات من القول للخبيثين من الناس، ﴿والخبيثون﴾ من الناس ﴿للخبيثات﴾ من القول، ﴿والطيبات﴾ من القول ﴿للطيبين﴾ من الناس، ﴿والطيبون﴾ من الناس ﴿للطيبات﴾ من القول (٣).
معناه: أن الخبيث من القول لا يليق ولا ينبغي أن يقال إلا للخبيث من الناس؛ لأنهم أهل له، وكذلك الطيب من القول، فكيف رميتم أيها القَذَفَة أم المؤمنين والمُفَضَّلَة على نساء العالمين ونسبتم إليها ما لا يجوز عليها.

(١)... زيادة من ب.
(٢)... ذكره النسفي في تفسيره (٣/١٤١).
(٣)... أخرجه الطبري (١٨/١٠٦-١٠٨)، وابن أبي حاتم (٨/٢٥٦٠-٢٥٦١)، والطبراني في الكبير (٢٣/١٥٧-١٦٠). وذكره السيوطي في الدر (٦/١٦٧-١٦٨) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس، ومن عدة طرق.
(١/٢٢٦)


الصفحة التالية
Icon