فقالت -وهي تموت-: دعني من ابن عباس، فقال: يا أمَّتَاه، إن ابن عباس من صالحي بَنِيكِ يُسلِّمُ عليك ويُودِّعك، فقالت: ائذن له إن شئت، فأدْخَلته، فلما جلس قال: أبشري؟ فقالت: أيضاً، فقال: ما بينكِ وبين أن تَلْقَي محمداً - ﷺ - والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، كُنتِ أحبَّ نساء رسول الله - ﷺ - إليه، ولم يكن رسول الله - ﷺ - يحب إلا طَيِّباً، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله حتى يصبح في المنزل، وأصبح الناس ليس معهم ماء [فأنزل] (١) الله تعالى أن يتيمموا صعيداً طيباً، وكان ذلك في سببك، وما أنزل الله تعالى لهذه الأمة في الرخصة، وأنزل براءتك من فوق سبع سماوات، جاء به الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله يذكر فيها (٢) الله عز وجل إلا تُلِيَ فيه آناء الليل وآناء النهار، قالت: دعني منك يا ابن عباس، فوالذي نفسي بيده لَوَدِدْتُ أني كنت نسياً منسياً)) (٣). هذا حديث صحيح أخرج البخاري طرفاً منه في صحيحه.
وقالت عائشة رضي الله عنها: لقد أعطيتُ تسعاً ما أعطيتها (٤) امرأة؛ نزل جبريل بصورتي حين أُمر النبي - ﷺ - أن يتزوجني، ولقد تزوجني بكْراً وما تزوج بكْراً غيري، ولقد قُبضَ وإن رأسه لفي حجري، ولقد قُبر في بيتي، ولقد حَفَّتِ الملائكة بيتي، وإن كان الوحي لينزل عليه وأنا معه في لحافه، وإني لابنة خليفته وصِدِّيقه، ولقد نزل عُذري من السماء، ولقد خُلقت طيبةً وعندي طيّب، ولقد

(١)... في الأصل: نزل. والتصويب من ب، والمسند (١/٢٧٦).
(٢)... في ب: فيه.
(٣)... أخرج البخاري طرفاً منه (٤/١٧٧٩ ح٤٤٧٦)، وأحمد (١/٢٧٦ ح٢٤٩٦).
(٤)... في ب: أعطيها.
(١/٢٢٨)


الصفحة التالية
Icon