وقالت زينب امرأة عبدالله بن مسعود: كان عبدالله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تَنَحْنَحَ وبَزَقَ؛ كراهية أن يَهْجِمَ منا على أمر يكرهه (١).
قلت: وفي هذا دليل أنه يُكتفى في الاستئذان على المحارم في غير أوقات العورة بكل ما يقع الإعلام به؛ من نَحْنَحَةٍ وتسبيحٍ وتحميدٍ وتهليلٍ.
قوله تعالى: ﴿فإن لم تجدوا فيها أحداً﴾ أي: إن وجدتموها خالية ممن يعتبر إذنه شرعاً ﴿فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم﴾ أي: حتى تجدوا من يأذن لكم، ﴿وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا﴾ أي: انصرفوا ولا تقفوا على الباب مُلازمين له، فإن ذلك مما يؤذي ويجلب الكراهة.
ويلتحق بهذه الآداب ما يكرهه ذوو الألباب: من قَرْعِ الباب بشدة، ورفع الصوت، ونحوهما.
﴿هو أزكى لكم﴾ وأفضل من ملازمة الباب والارتقاب للإذن والجواب، لما فيه من البُعْد من الريبة.
﴿والله بما تعملون﴾ من الدخول بإذن وبغير إذن ﴿عليم﴾ وعليه مُجاز.
قوله تعالى: ﴿ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة﴾ قال قتادة: هي الخانات والبيوت المبنية للسابلة (٢).
وقال ابن جريج: هي جميع البيوت التي لا ساكن لها؛ لأن الاستئذان شرع لأجل الساكن (٣).

(١)... أخرجه أحمد (١/٣٨١ ح٣٦١٥).
(٢)... أخرج الطبري في تفسيره (١٨/١١٤) عن قتادة قال: هي الخانات تكون لأهل الأسفار.
(٣)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٦/٢٩).
(١/٢٣٢)


الصفحة التالية
Icon