وفي هذا تنبيه على أثرة ذوي الدين والصلاح في باب النكاح، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((اظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك)) (١).
ومن استقرأ سير السلف وأخبارهم وقف على صفة [صفوة] (٢) منهم من ذوي الزهادة والعبادة، آثروا الآجل على العاجل، وأعرضوا عن زهرة الدنيا وزخرفها، رغبة في ثواب الله تعالى ورهبة من عقابه، وقدَّمُوا أرباب الدين على أصحاب الدنيا؛ كأبي الدرداء وسعيد بن المسيب حين خطب إليهما ملوك بني أمية ابنتيهما.
وقيل: المراد بالصلاح هاهنا: القيام بحقوق النكاح.
ثم رجع إلى الإخبار عن الأحرار فقال: ﴿إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾.
قال الزجاج (٣) : حثَّ الله تعالى على النكاح وأعلم أنه سببٌ لنفي الفقر.
قال قتادة: ذُكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: ما رأيت مثل رجل لم يلتمس الغنى في الباه (٤)، والله تعالى يقول: ﴿إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾ (٥).
﴿والله واسع﴾ ذو سعة لا يرزأه إغناء خلقه، ﴿عليم﴾ يبسط الرزق لمن يشاء

(١)... أخرجه البخاري (٥/١٩٥٨ ح٤٨٠٢)، ومسلم (٢/١٠٨٦ ح١٤٦٦).
(٢)... زيادة من ب.
(٣)... معاني الزجاج (٤/٤٠).
(٤)... الباه: لغة في الباءة، وهو هنا: النكاح (اللسان، مادة: بوه).
(٥)... أخرجه عبد الرزاق (٦/١٧٣ ح١٠٣٩٣). وذكره السيوطي في الدر (٦/١٨٨) وعزاه لعبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد.
(١/٢٤٣)


الصفحة التالية
Icon