خيراً فقد استكثرنا منه، وإن كان شراً فقد آن لنا أن نَدَعَهُ، فنزلت هذه الآية (١).
قوله تعالى: ﴿إن أردن تحصناً﴾ أي: تَعَفُّفَاً عن الزنا. وإنما شرط إرادة التحصن؛ لأن الإكراه لا [يتأتّى] (٢) إلا مع إرادة التحصن.
﴿لتبتغوا عرض الحياة الدنيا﴾ وهو كسبهن وثمن أولادهن من الفجور.
﴿ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم﴾ قال عامة المفسرين: المعنى: فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم للمُكْرَهَات (٣).
ويؤيد ذلك قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير: "فإن الله من بعد إكراههن غفور للمكرَهين والمكرَهات إذا تابوا وأنابوا".
فإن قيل: المكْرَهَة غير آثمة، فما معنى مغفرة الله لها؟
قلتُ: الظاهر أن الإكراه في حَقِّهِنّ لم تتحقق شرائطه المخلِّصة من الإثم؛ لأن ما يَعْرِض لهنّ من اللذة في أثناء الوطء، وما ينشأ لهن من الشهوة والغُلْمة يستزلهن عن استمرار العصمة المانعة من الإثم.
قوله تعالى: ﴿ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات﴾ قرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير (٤) وأبو بكر: [بفتح الياء. وقرأ] (٥) ابن (٦) عامر وحمزة والكسائي وحفص:

(١)... ذكره الواحدي في أسباب النزول (ص: ٣٣٦)، وابن الجوزي في زاد المسير (٦/٣٨).
(٢)... في الأصل: يأتي. والتصويب من ب.
(٣)... ذكره الطبري (١٨/١٣٣)، والواحدي في الوسيط (٣/٣١٩).
(٤)... في هامش ب: في الأصل هذا متروك، والصواب ما ألحقته.
(٥)... زيادة من ب.
(٦)... في الأصل: وابن. والتصويب من ب.
(١/٢٥٠)


الصفحة التالية
Icon