وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا
قوله تعالى: ﴿وما أرسلنا قبلك من المرسلين﴾ قال الزجاج (١) : فيه محذوف، تقديره: وما أرسلنا قبلك [رسلاً] (٢) من المرسلين، فحذفت "رسلاً"؛ لأن قولك: "من المرسلين" يدل عليها.
﴿إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق﴾ قال الزجاج (٣) : هذا احتجاج عليهم في قولهم: ﴿ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق﴾، فقيل لهم: كذلك كان مَنْ خَلا من الرسل، فكيف يكون محمدٌ - ﷺ - بِدْعاً منهم؟.
فإن قيل: لم كُسرت "إنّ" في قوله: ﴿إلا إنّهم﴾ ؟
قلتُ: قد أجاب عن ذلك ابن الأنباري بجوابين:
أحدهما: أن تكون فيها واو الحال مضمرة، فكُسرت بعدها "إنّ" للاستئناف، فيكون التقدير: إلا وإنّهم ليأكلون الطعام، فأُضمرت الواو كما أُضمرت في قوله: ﴿أو هم قائلون﴾ [الأعراف: ٤]، والتأويل: أو وهم قائلون.
والثاني: أن تكون كُسرت لإضمار "مَنْ" قبلها، فيكون التقدير: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا من إنهم ليأكلون. قال الشاعر:

(١)... معاني الزجاج (٤/٦٢).
(٢)... في الأصل: مرسلاً. والتصويب من ب، والزجاج، الموضع السابق.
(٣)... معاني الزجاج (٤/٦٢).
(١/٣١٠)


الصفحة التالية
Icon