أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا
قوله تعالى: ﴿وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هُزُءاً﴾ (١) مهزوءاً به، أو موضع هزء، أو ذا هزء.
ثم ذكر ما يقولونه من الاستهزاء فقال: ﴿أهذا الذي بعث الله رسولاً﴾ وهو على إضمار القول، تقديره: قائلين أهذا الذي بعثه الله رسولاً.
﴿إن كاد ليضلنا﴾ "إنْ" هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، ﴿عن آلهتنا﴾ أي: عن عبادة آلهتنا، فحذف المضاف ﴿لولا أن صبرنا عليها﴾ أي: على عبادتها.
وفي هذه الآية دليل واضح على قوة اجتهاد النبي - ﷺ - وبذله غاية وسعه في استعطافهم واستمالتهم إلى الإسلام.
﴿وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلاً﴾ أهم أم المؤمنون. وهذا وعيد شديد لهم.
قوله تعالى: ﴿أرأيت من اتخذ إلهه هواه﴾ استفهام في معنى التعجب للنبي - ﷺ - من فرط جهلهم، حيث تركوا عبادة من خلقهم ورزقهم، وأطاعوا أهواءهم في عبادة أحجار لا تضرُّ ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، ولا تعلم من عَبَدَها وأطاعها ممن رفضها وأضاعها، يتنقَّلُون عنها ذهاباً مع ميل أنفسهم في استحسان حَجَر.

(١)... وقرأ حفص: "هُزُواً"، انظر: إتحاف فضلاء البشر (ص: ٣٢٩).
(١/٣٢٨)


الصفحة التالية
Icon