قوله تعالى: ﴿ألم تر إلى ربك﴾ إلى صُنْع ربك وقدرته، ﴿كيف مد الظل﴾ أي: بسطه، والمراد بالظل هاهنا: ما كان منه من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
﴿ولو شاء لجعله ساكناً﴾ مقيماً لا يزول ولا يتحرك بطلوع الشمس، ﴿ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً﴾ ؛ لأن الأشياء تُعْرَف بأضدادها، فلولا الشمس ما عُرف الظل، ولولا النور ما عُرفت الظُّلْمَة.
وقيل: معنى كون الشمس دليلاً: أن الناس يستدلّون بها في مسيرها على أحوال الظل من كونه ثابتاً في مكان، وزائلاً ومتّسعاً ومتقلّصاً، فيبْنُون على حسب حاجاتهم إلى الظل.
﴿ثم قبضناه﴾ أي: قبضنا الظل بطلوع الشمس ﴿إلينا قبضاً يسيراً﴾ أي: خفياً على مهل، فتنسخه الشمس شيئاً فشيئاً لمصالح العباد، ولو قُبِضَ دفعة واحدة لتعطلت أكثر منافع الخلق بالظل والشمس جميعاً.
قوله تعالى: ﴿وهو الذي جعل لكم الليل لباساً﴾ ساتراً بظلمته الأشياء مشتملاً عليها اشتمال اللباس على لابسه ﴿والنوم سباتاً﴾.
قال الزجاج (١) : السُّبَات: أن ينقطع عن الحركة والتروُّح في بدنه، أي: جعل نومكم راحةً لكم.
﴿وجعل النهار نشوراً﴾ قال ابن عباس: ينتشرون فيه لابتغاء الرزق (٢).
وقال الزمخشري (٣) : السُّبات: الموت، والمسْبُوت: الميت؛ لأنه مقطوع الحياة،

(١)... معاني الزجاج (٥/٢٧٢).
(٢)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/٣٤٢)، وابن الجوزي في زاد المسير (٦/٩٤).
(٣)... الكشاف (٣/٢٨٨-٢٨٩).
(١/٣٣٠)


الصفحة التالية
Icon