المعنى: وأنا من الجاهلين (١)، يريد: وأنا من الجاهلين بمعالم النبوة وشرائع الهدي.
أو يكون المعنى: وأنا من الفاعلين فِعْلَ أولي الجهل والسَّفَه، كما قال يوسف لإخوته: ﴿إذ أنتم جاهلون﴾ [يوسف: ٨٩].
وقال أبو عبيدة (٢) : وأنا من الناسين، كقوله تعالى: ﴿أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى﴾ [البقرة: ٢٨٢].
﴿ففررت منكم لما خفتكم﴾ أي: هربت منك ومن ملئك المؤتمرين بي ليقتلون، ﴿فوهب لي ربي حكماً﴾ علماً وفهماً. وقيل: نبوةً، ﴿وجعلني من المرسلين﴾.
قوله تعالى: ﴿وتلك نعمة تمنّها عليّ﴾ إشارة إلى خصلة مبهمة يفسرها قوله: ﴿أن عبّدت بني إسرائيل﴾.
ومحل: "أن عبدت" الرفع؛ لأنه عطف بيان لـ"تلك"، أو هو في محل النصب بنزع الحرف الخافض (٣).
واختلف العلماء في تأويل الآية: فتأوّلها الأكثرون على إنكار النعمة التي امتنّ بها فرعون على موسى، والتقدير: أتلك نعمة تمنّها عليّ أن استعبدت أهلي وأخذت أموالهم وذبحت أبناءهم، حتى ألجأت أمي إلى قذفي في اليمّ حتى أفضيتُ إليك،
(٢)... انظر: مجاز القرآن (١/٨٣).
(٣)... انظر: الدر المصون (٥/٢٧١).
(١/٣٧٧)