وقال أبو عبيدة (١) :"أزلفنا": جَمَعْنَا ثَمَّ الآخرين، قال: ومن ذلك سميت [مزدلفة] (٢) جَمْع.
قال الزجاج (٣) : وكلا القولين حسنٌ جميل؛ لأن جمعهم تقريبُ بعضهم من بعض. وأصل الزُّلْفَى في الكلام العربي: القُرْبَى.
وذكر أبو الفتح في المحتسب (٤) : أن "الآخرين": موسى وأصحابه.
ولا أعلم أحداً من المفسرين ذكر هذا الوجه الذي ذكره، وهو بعيد من التحقيق.
وقرأ ابن مسعود وأبي بن كعب وعبدالله بن الحارث: "وأزْلَقْنَا" بالقاف (٥)، على معنى: [أزلَلْنا] (٦) أقدامهم وأذهبنا عزّهم، كما قال:
تَدارَكتُما عَبْساً وقد ثُلَّ عرشُها... وذبيان إذ زلَّتْ بأقدامها النَّعْل (٧)
وجائز أن تكون القدرة الإلهية جعلت مسالك البحر مزلقة لهم ومدحضة لخيلهم، بعد أن كانت قُبيل ذلك يَبَسَاً لبني إسرائيل.
﴿وأنجينا موسى ومن معه أجمعين﴾ من فرعون وجنوده، {ثم أغرقنا
(٢)... في الأصل: مزلفة. والتصويب من ب.
(٣)... معاني الزجاج (٤/٩٣).
(٤)... المحتسب (٢/١٢٩).
(٥)... انظر هذه القراءة في زاد المسير (٦/١٢٧)، والدر المصون (٥/٢٧٦).
(٦)... في الأصل: أزلنا. والتصويب من ب.
(٧)... البيت لزهير. انظر: القرطبي (٧/٢٢٠)، وروح المعاني (١٩/٨٩)، واللسان (مادة: عرش، ثلل) وفيه: "الأحلاف" بدل: "عبساً".
(١/٣٨٩)