قال صاحب الكشاف (٤) : فإن قلت: كيف كرَّرَ في هذه السورة في أول كل قصةٍ وآخرها ما كَرَّر؟
قلت: كل قصة منها كتنزيلٍ برأسه، وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها، فكانت كل واحدة منها تدلي بحق في أن تُفتَتَح بما افتُتِحت به صاحبتها وأن تُختتم بما اختُتمت به.
[ولأن] (٥) في التكرير [تقريراً] (٦) للمعاني (٧) في الأنفس، وتثبيتاً لها في الصدور.
ولأن هذه القصص طُرِقَت بها آذان وُقْرٌ عن الإنصات للحق، وقلوبٌ غُلْفٌ عن تدبُّره، فكُوثرت بالوعظ والتذكير، ورُوجعت بالترديد والتكرير لعل ذلك يفتح أذْناً، أو يَفْتُقَ ذهْناً، أو يصقُلَ عَقْلاً طال عهده بالصقل، أو يجلو فهماً قد غطّى عليه تراكم الصدأ.
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ
قوله تعالى: ﴿وإنه لتنزيل رب العالمين﴾ يعني: القرآن.
﴿نزل به الروح الأمين﴾ وهو جبريل عليه السلام.
(٢)... عند الآية رقم: ٩.
(٣)... عند الآية رقم: ٩٢.
(٤)... الكشاف (٣/٣٣٩).
(٥)... في الأصل: وأن. والتصويب من ب.
(٦)... زيادة من الكشاف (٣/٣٣٩).
(٧)... في ب: اللمعاني. وهو سهو.
(١/٤١٦)