وقال غيره (١) : يقال: عَقَّبَ [المقاتل] (٢) ؛ إذا كرّ بعد الفرار (٣). قال الشاعر:
فما عَقَّبُوا إذْ قيلَ هلْ من معقِّبٍ... ولا نَزَلُوا يوم الكريهةِ مَنْزلا (٤)
﴿يا موسى لا تخف إني لا يخاف لديّ المرسلون﴾ قال ابن عباس: لا يخاف عندي من أرسلته (٥).
قوله تعالى: ﴿إلا من ظلم﴾ استثناء متصل (٦)، على معنى: إلا من ظلم منهم نفسه، بأن فرطت منه صغيرة يجوز مثلها على الأنبياء؛ كالذي فرط من يونس وداود وسليمان عليهم الصلاة والسلام.
والمراد -والله تعالى أعلم-: التعريض لموسى بِوَكْزِهِ القبطي، وسماه ظلماً كما قال موسى: ﴿رب إني ظلمت نفسي﴾ [القصص: ١٦].
﴿ثم بدّل حُسْناً بعد سوء﴾ وفيه إضمار، تقديره: فإنه يخاف، وحذف لدلالة ما قبله عليه.
وقال أكثر المفسرين: هو استثناء منقطع (٧).
المعنى: لكن من ظلم ثم بدّل حسناً ندماً وتوبةً وعملاً صالحاً بعد سوء {فإني

(١)... هو قول الزمخشري، انظر: الكشاف (٣/٣٥٥).
(٢)... في الأصل: القاتل. والتصويب من الكشاف، الموضع السابق.
(٣)... انظر: اللسان (مادة: عقب).
(٤)... انظر البيت في: البحر المحيط (٧/٥٥)، والدر المصون (٥/٢٩٨)، وروح المعاني (١٩/١٦٣)، والكشاف (٣/٣٥٥).
(٥)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/٣٦٩).
(٦)... وهو اختيار الطبري في تفسيره (١٩/١٣٧).
(٧)... انظر: التبيان (٢/١٧٢)، والدر المصون (٥/٢٩٨).
(١/٤٣٧)


الصفحة التالية
Icon