﴿وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين﴾ بالعلم والنبوة، وإلانة الحديد، وتسخير الشياطين والجن والإنس.
وفي هذه الآية دليلٌ ظاهرٌ وبرهانٌ باهرٌ على شرف العلماء وإنافة محلهم، ودلائل شرفهم النقلية والعقلية كثيرة، ولو لم يكن لهم من مراتب الإنافة إلا أن الله تعالى فضّلهم على الكافّة، فقال: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ [المجادلة: ١١]. اللهم فألبسنا من مدارعه أضفاها، وأوردنا من مشاربه (١) أصفاها.
قوله تعالى: ﴿وورث سليمان داود﴾ يعني: ورث منه النبوة والملك والعلم دون سائر بنيه، وكان له تسعة عشر ذَكَرَاً، فخُصَّ بذلك من بينهم.
﴿وقال﴾ ذاكراً لإحسان الله تعالى إليهم وشاكراً لأنعمه عليهم ﴿يا أيها الناس علّمنا منطق الطير﴾ أي: فُهِّمْنا لغة الطير.
قال قتادة: والنمل من الطير (٢).
ويروى: أن سليمان عليه السلام مَرَّ على بلبل في شجرة يحرّك رأسه ويميل ذَنَبَه، فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟ قالوا: الله ونبيه أعلم، قال: يقول: أكلت نصف تمرة، فعلى الدنيا العفاء (٣).

(١)... في ب: مشارعه.
(٢)... أخرجه ابن أبي حاتم (٩/٢٨٥٥). وذكره السيوطي في الدر (٦/٣٤٧) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣)... ذكره القرطبي (١٣/١٦٥)، والمناوي في فيض القدير (١/٨٧).
(١/٤٤١)


الصفحة التالية
Icon