فمن قرأ: "أدْرَكَ" كان المعنى: بل بلغ علمهم، واجتمع يوم القيامة حين عاينوا ما كانوا يشُكُّون فيه من أمر الآخرة. هذا مجموع قول ابن عباس والسدي ومقاتل (١) وعامة المفسرين (٢).
ومن قرأ: "بل ادَّارك" (٣) فأصلها: تدارك، فأدغموا التاء في الدال، على معنى: تَلاحَقَ علمهم في الآخرة وتكامل.
﴿بل هم﴾ اليوم ﴿في شك منها﴾ أي: من الساعة، ﴿بل هم منها﴾ أي: من علمها ﴿عَمُون﴾ وهو جمع عَمٍ، وهو الأعمى القلب.
قال صاحب الكشاف (٤) : فإن قلت: هذه الإضرابات الثلاث ما معناها؟
قلت: ما هي إلا تنزيل لأحوالهم، وصفهم أولاً بأنهم لا يشعرون وقت البعث، ثم بأنهم لا يعلمون [أن] (٥) القيامة كائنة، ثم بأنهم يَخْبطُون في شكٍ ومرية، ثم بما هو أسوأ حالاً وهو العمى.
وما بعده سبق تفسيره إلى قوله تعالى: ﴿قل عسى أن يكون ردف لكم﴾ قال ابن قتيبة (٦) : معناه: تَبِعَكم، واللام زائدة، تقديره: كأنه قال: رَدِفَكم.
وقال الزمخشري (٧) : زيدت اللام للتأكيد، كالباء في قوله تعالى: {ولا تلقوا

(١)... تفسير مقاتل (٢/٤٨٣).
(٢)... انظر: الطبري (٢٠/٧)، وابن أبي حاتم (٩/٢٩١٤)، والوسيط (٣/٣٨٣).
(٣)... في الأصل: الدرك. وهو خطأ. والتصويب من ب.
(٤)... الكشاف (٣/٣٨٤).
(٥)... في الأصل: بأن. والتصويب من ب، والكشاف، الموضع السابق.
(٦)... تفسير غريب القرآن (ص: ٣٢٦).
(٧)... الكشاف (٣/٣٨٥-٣٨٦).
(١/٤٨٩)


الصفحة التالية
Icon