أمرها، فلما وضعت رأت له نوراً بين عينيه، فارتعش كل مفصل منها، ودخل حبه قلبها، فقالت: ما جئتك إلا لأقتل مولودك وأُخبر فرعون، ولكني وجدت لابنك حباً ما وجدت قبله مثله، فاحتفظي به، ثم خرجت فرآها بعض العيون، فجاؤوا ليدخلوا على أم موسى، فقالت أخته: يا أماه هذا الحرس بالباب، فلفَّتْ موسى في خرقة ووضعته في التنور وهو يُسْجَر، ولا تشعر بذلك لما طاش من عقلها، فدخلوا ففتشوا فلم يجدوا شيئاً، فخرجوا وهي لا تعلم أين هو، فقالت لأخته: أين أخوك؟ قالت: لا أدري، فسمعت بكاءه من التنور، فوثبت إليه وقد جعل الله تعالى النار عليه (١) بَرْداً وسلاماً، فأرضعته ثلاثة أشهر (٢)، كما رويناه عن وهب.
وقيل: أربعة أشهر.
قال ابن عباس: ﴿وأوحينا إلى أم موسى﴾ : قذفنا في قلبها وألهمناها (٣).
وقيل: رأتْ في منامها (٤).
وقال مقاتل (٥) : جاءها جبريل بذلك، واسم أمه: يوخابذ (٦) بنت لاوي بن يعقوب.
قوله تعالى: ﴿فإذا خفت عليه﴾ أي: خشيت عليه، ﴿فألقيه في اليم﴾ يريد: النيل، ﴿ولا تخافي﴾ عليه الغرق والضياع، ﴿ولا تحزني﴾. وقد ذكرنا فيما مضى أن

(١)... في ب: عليه النار.
(٢)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٦/٢٠٢).
(٣)... أخرجه ابن أبي حاتم (٩/٢٩٤١). وذكره السيوطي في الدر (٦/٣٩٣) وعزاه لابن أبي حاتم.
(٤)... ذكره الماوردي في تفسيره (٤/٢٣٥)، وابن الجوزي في زاد المسير (٦/٢٠٢) عن الماوردي.
(٥)... تفسير مقاتل (٢/٤٨٩).
(٦)... في تفسير مقاتل: يوكابد.
(١/٥١١)


الصفحة التالية
Icon