قوله تعالى: ﴿وقالت لأخته قصيه﴾ أي: ابْتَغِي أثَرَه وتتبَّعِي خبره.
قال المفسرون: سمعت أن فرعون أصاب صبياً في تابوت، فقالت لأخته: تنكَّري واذهبي مع الناس وانظري ماذا يفعلون به، فدخلت مع القوابل، ﴿فبصرت به عن جنب﴾ أي: بُعْد، ﴿وهم لا يشعرون﴾ أنها أخته ولا أنها تَرْقُبُه.
قوله تعالى: ﴿وحرّمنا عليه المراضع﴾ وهو جمع مُرْضِع، ﴿من قبل﴾ أي: من قبل رَدِّهِ إلى أمه.
قال المفسرون: بقي ثمانية أيام ولياليهن كلما أُتيَ بمرْضِعْ لا يقبل ثديها، فأهمّهم ذلك واشتدّ عليهم، ﴿فقالت﴾ لهم أخته حين رأت شفقتهم عليه ورأفتهم به: ﴿هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم﴾ ؟ فقالوا لها: نعم، مَنْ تلك؟ فقالت: أمي، قالوا: وهل لها لبن؟ قالت: لبن هارون. فلما جاءت قبل ثديها. وقيل: إنها لما قالت: ﴿وهم له ناصحون﴾ قالوا: لعلك تعرفين أهله؟ قالت: لا، ولكن إنما قلت: وهم للملك ناصحون (١).
قال أهل التفسير: لما وجد ريحها استأنس والْتَقَم ثديها، فقال لها فرعون: ومن أنت منه، فقد أبى كل ثدي إلا ثديك؟ فقالت: إني امرأة طَيِّبُ الريح، طيِّبَةَ اللبن، لا أوتى بصبي إلا قبلني، فدفعه إليها وأجرى عليها (٢)، وذهبت به إلى بيتها، وأنجز

(١)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٦/٢٠٦).
(٢)... قال الزمخشري في الكشاف (٣/٤٠١) : فإن قلت: كيف حلّ لها أن تأخذ الأجر إلى إرضاع ولدها؟
... قلت: ما كانت تأخذه على أنه أجر على الرضاع، ولكنه مال حربيّ كانت تأخذه على وجه الاستباحة.
(١/٥١٨)


الصفحة التالية
Icon