قال الزمخشري (١) : ليس الغرض [بتصديقه] (٢) أن يقول له: صدقْتَ، أو يقول للناس: صدق موسى، وإنما هو أن يُلَخِّص بلسانه الحق، ويبسط القول فيه، ويجادل به الكفار، ألا ترى إلى قوله: ﴿وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي﴾، وفَضْلُ الفصاحة إنما يُحتاج إليه لذلك، لا لقوله: صدقتَ، فإن سَحْبَان وباقِلاً (٣) يستويان فيه.
وبهذا [البيان] (٤) وأمثاله حصل لكتابه مَيْزَ الإنافة على أشكاله، غير أنه مَزَجَ العلم النافع بالسُّمِّ النَّاقِع، فما أليَقَه بإنشاد قول ابن الرومي:
وحَدِيثُها السِّحْرُ الحلالُ لو أنّه... لم يَجْنِ قَتْلَ المسْلِم المتحَرِّز (٥)
﴿قال سنشد عضدك بأخيك﴾ وقرأ الحسن: "عُضُدَكَ" بضمّتين (٦).
قال ابن جني (٧) : فيها خمس لغات؛ عَضُدٌ، وعَضْدٌ، وعُضُدٌ، وعُضْدٌ، وعَضِدٌ، وأفصحها وأعلاها: عَضُدٌ، نحو: رَجُلٌ. وعَضْدٌ مسكّنٌ من عَضُدَ، وعُضْدٌ منقولُ

(١)... الكشاف (٣/٤١٤).
(٢)... في الأصل: تصديقه. والتصويب من ب، والكشاف، الموضع السابق.
(٣)... سحبان: اسم رجل من وائل كان لَسِناً بليغاً، يُضرب به المثل في البيان والفصاحة فيقال: أفصح من سحبان وائل (اللسان مادة: سحب).
... وباقل: اسم رجل من ربيعة يضرب به المثل في العِيّ (اللسان، مادة: بقل).
(٤)... في الأصل: البان. والتصويب من ب.
(٥)... البيت لابن الرومي، وهو في: المثل السائر (١/٣٤١)، وصبح الأعشى (١/٣٣٦)، وكتاب جمهرة الأمثال (١/١٥)، والتمهيد لابن عبد البر (٥/١٧٥).
(٦)... انظر هذه القراءة في: الدر المصون (٥/٣٤٤).
(٧)... المحتسب (٢/١٥٢).
(١/٥٣٩)


الصفحة التالية
Icon