فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَجَعَلْنَاهُمْ ائمة يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (٤١) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ
﴿وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري﴾ جهلٌ من المخذول، أو تجاهل يستخفّ به أحلامهم، وهو أكبر ظني فيه، ألا ترى إلى قول موسى له: ﴿لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض﴾ [الإسراء: ١٠٢].
ثم أخذ يتغابى ليُعمِي على عابديه مسالك الإدراك حين عجز عن معارضة خصمه، فقال مُشغلاً للوقت: ﴿فأوقد لي يا هامان على الطين﴾ حتى يصير آجُرّاً، ﴿فاجعل لي صرحاً﴾ قصراً طويلاً.
قال أهل التفسير: لما أمر فرعون هامان ببناء الصَّرْح جمع العُمَّال والفَعَلَة، فكانوا خمسين ألف بَنَّاء سوى الأتباع، فرفعوه وشيّدوه ارتفاعاً لم يبلغه بنياناً قط، فلما انتهى رقى فرعون فوقه وأمر بنُشَّابَةٍ (١) فرمى بها نحو السماء، فرجعت ملطّخة بالدم للفتنة التي أرادها الله تعالى به، فقال: قتلت إله موسى، فبعث الله تعالى جبريل فضربَ الصَّرْح بجناحه فقطّعه، فوقعت قطعة على عسكر فرعون فقتلت ألف ألف رجل، ووقعت أخرى في البحر، وأخرى في المغرب (٢).

(١)... النُّشَّابة: النَّبْل أو السهام (اللسان، مادة: نشب).
(٢)... أخرج طرفاً منه الطبري (٢٠/٧٨)، وابن أبي حاتم (٩/٢٩٧٩) كلاهما عن السدي. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٦/٢٢٣) بتمامه. وذكر طرفاً منه الماوردي في تفسيره (٤/٢٥٣) حكاية عن السدي، والسيوطي في الدر (٦/٤١٦) وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي.
(١/٥٤٢)


الصفحة التالية
Icon