وترشدوا، فقال النبي - ﷺ -: يا عم تأمرهم بالنصيحة لأنفسهم وتَدَعُها لنفسك، قال: فما تريد يا ابن أخي؟ قال: أريد منك كلمة واحدة، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا أن تقول: "لا إله إلا الله" أشهدُ لك بها عند الله، فقال: يا ابن أخي قد علمتُ أنك لصادق، ولكني أكره أن يقال: جزع عند الموت، ولولا أن يكون عليك وعلى بني أبيك غَضَاضَةٌ ومسبَّة بعدي لقُلْتُها ولأقررت بها عينك، فنزلت هذه الآية (١).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (( ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾ نزلت في رسول الله - ﷺ - حيث يراود عمه أبا طالب على الإسلام)) (٢).
وقد ذكرنا الحديث المخرج في الصحيحين في سبب نزولها أيضاً في براءة عند قوله تعالى: ﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين﴾ [التوبة: ١١٣].
والمعنى: إنك لا تقدر أن تُدخل في الإسلام من أحببت أن يدخُل فيه؛ لأنك عبدٌ لا تعلم مَنْ طَبَعْتُ على قلبه وخلقته للنار، ممن شرحتُ قلبه للإسلام وخلقته للجنة.
﴿ولكن الله يهدي من يشاء﴾ ممن سبقت له السعادة، ﴿وهو أعلم بالمهتدين﴾
... والله لنْ يصلوا إليكَ بجمْعِهم...... حتى أُوسَّد في الترابِ دَفينا
... فامضي لأمركَ ما عليكَ غَضَاضَةٌ...... وأبشرْ بذاك وقرّ بذاكَ عُيونا
... ودعوتني وعلمتَ أنك ناصِحي...... وصدقتني وكنت قدم أمينا
... وعرضتَ ديناً قد عرفتُ بأنه...... من خير أديان البريةِ دينا
... لولا الملامةُ أو حذاري سُبّةً...... لوجدتني سَمْحاً بذاك مُبينا
... (انظر: ديوان أبي طالب ص: ٨٧، ١٨٩).
(٢)... أخرجه مسلم (١/٥٥ ح٢٥).
(١/٥٥٥)