ونقسرهم على الغي، كما أننا لم يكن لنا من يقسرنا عليه، فنحن وهم فيه سواء في اختيار الغي.
﴿تبرّأنا إليك﴾ قال الزجاج (١) : برئ بعضهم من بعض، وصاروا أعداءً، كما قال الله تعالى: ﴿الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين﴾ [الزخرف: ٦٧].
﴿ما كانوا إيانا يعبدون﴾ قهراً وقسراً. المعنى: إنما كانوا يعبدون أهواءهم بتحسيننا وتزييننا.
﴿وقيل﴾ يعني: لكفار مكة ﴿ادعوا شركاءكم﴾ أي: [استغيثوا] (٢) بآلهتكم لتخلّصكم من العذاب، ﴿فدعوهم فلم يستجيبوا لهم﴾ أي: لم يجيبوهم إلى نصرهم، ﴿ورأوا العذاب﴾ حين تبرأت منهم قادتهم وخذلتهم آلهتهم ﴿لو أنهم كانوا يهتدون﴾ جوابه محذوف، تقديره: لو كانوا يهتدون لما اتبعوهم ولما رأوا العذاب.
ويجوز أن يكون المعنى: تمنوا لو أنهم كانوا يهتدون.
قوله تعالى: ﴿ويوم يناديهم فيقول﴾ تبكيتاً وتوبيخاً وتحقيقاً لمعنى العدل: ﴿ماذا أجبتم المرسلين﴾ في الدنيا؟ ﴿فعميت عليهم الأنباء يومئذ﴾ أي: خَفِيتْ واشْتَبَهَت عليهم الحُجَج يوم القيامة.
قال ابن قتيبة (٣) : المعنى: عَمُوا عنها من شدة الهول.
﴿فهم لا يتساءلون﴾ أي: لا يسأل بعضهم بعضاً عنها، كما يتساءل الناس عن

(١)... معاني الزجاج (٤/١٥١).
(٢)... في الأصل: استعينوا. والمثبت من ب.
(٣)... تفسير غريب القرآن (ص: ٣٣٤).
(١/٥٦١)


الصفحة التالية
Icon