عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
قوله تعالى: ﴿قل أرأيتم﴾ أي: قل يا محمد لكفار مكة: أخبروني ﴿إن جعل الله﴾ تعالى ﴿عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة﴾ يعني: دائماً متتابعاً، واشتقاقه من السَّرْدِ، وهو المتابعة، ﴿مَنْ إله غير الله يأتيكم بضياء﴾ نور ساطع، ﴿أفلا تسمعون﴾ ما يتلوه عليكم رسولي من الحجج البالغة، ومثله: ﴿أفلا تبصرون﴾ آثار عظمتي ودلائل وحدانيتي وقدرتي.
﴿ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار﴾ هذا للسكن والراحة، وهو قوله تعالى: ﴿لتسكنوا فيه﴾ وهذا للانتشار وطلب المعيشة، وهو قوله تعالى: ﴿ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون﴾ مَنْ أنعمَ عليكم بهذه النعم وغيرها [فتوحّدوه] (١).
قوله تعالى: ﴿ونزعنا من كل أمة شهيداً﴾ أي: أخرجنا من كل أمة شهيداً يشهد عليها ولها، وهو نبيّها يشهد بما كان منها من كفر وإيمان، وطاعة وعصيان.
﴿فقلنا هاتوا برهانكم﴾ قال مجاهد: حجتكم بما كنتم تعبدون (٢).
وقال مقاتل (٣) : حُجَّتكم بأن معي شريكاً.
﴿فعلموا أن الحق لله﴾ لا لشياطينهم، ﴿وضلّ عنهم﴾ بطل وغاب في الآخرة ﴿ما كانوا يفترون﴾ في الدنيا من الباطل والكذب.

(١)... في الأصل: وتوحدوه. والتصويب من ب.
(٢)... أخرجه الطبري (٢٠/١٠٥)، وابن أبي حاتم (٩/٣٠٠٤)، ومجاهد (ص: ٤٨٩). وذكره السيوطي في الدر (٦/٤٣٥) وعزاه للفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣)... تفسير مقاتل (٢/٥٠٥).
(١/٥٦٤)


الصفحة التالية
Icon