وفي صحيح البخاري من حديث ابن عمر أنه قال: "ما كنا ندعوا زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، حتى نزل: ﴿ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله﴾ " (١).
والأدْعِياء: جمع دَعِيّ، وهو الذي يدعى ابناً لغير أبيه.
﴿ذلكم قولكم بأفواهكم﴾ أي: ذلكم النسب هو قولكم بأفواهكم لا حقيقة له ولا صحة.
﴿والله يقول الحق وهو يهدي السبيل﴾ أي: الطريق المستقيم.
ثم قال ما هو من الحق وهدى، إلى ما هو من السبيل المستقيم؛ فقال تعالى: ﴿ادعوهم لآبائهم﴾ أي: انسبوهم إلى آبائهم الذين ولدوهم، ﴿هو أقسط عند الله﴾ أي: أعدل عند الله، ﴿فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم﴾ أي: فهم إخوانكم ﴿في الدين ومواليكم﴾ أي: أولياؤكم فيه فقل: يا أخي ويا مولاي. ولما نزلت هذه الآية نسبوا إلى آبائهم؛ كالمقداد كان ينتسب إلى الأسود، فرُدَّ إلى أبيه عمرو، وزيد رُدَّ إلى أبيه حارثة، ومن لم يكن له أب معلوم قيل له: مولى فلان؛ كسالم مولى أبي حذيفة.
﴿وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به﴾ قال مجاهد: فيما أخطأتم من ذلك قبل النهي، ﴿ولكن ما تعمدت قلوبكم﴾ بعد النهي (٢).
وقال قتادة: لو دعوتَ رجلاً لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه ليس عليك بأس، ولكن الإثم في الذي تعمدت قلوبكم من دعائهم إلى غير آبائهم (٣).
(٢)... أخرجه الطبري (٢١/١٢١)، ومجاهد (ص: ٥١٣)، وابن أبي حاتم (٩/٣١١٤). وذكره السيوطي في الدر (٦/٥٦٥) وعزاه للفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣)... أخرجه الطبري (٢١/١٢١)، وابن أبي حاتم (٩/٣١١٤). وذكره السيوطي في الدر (٦/٥٦٥) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(١/١٠٢)