أو غيرها ممن تنتشر حرمة الرضاع بينها وبينه برضاعه منها فترضعه استدلالاً بحديث امرأة أبي حذيفة في إرضاعها سالماً مولاه وهو رجل، وأبى ذلك -أعني: القول بانتشار حرمة مثل هذا الرضاع- سائر أزواج النبي - ﷺ -، وهو مذهب الأئمة الأربعة وعامة الفقهاء.
قوله تعالى: ﴿وأولوا الأرحام﴾ مُفسّرٌ في آخر سورة الأنفال إلى قوله تعالى: ﴿من المؤمنين والمهاجرين﴾ يريد: أن ذوي القرابات بعضهم أولى بميراث بعض من أن يرثوا بالهجرة والإيمان، كما كانوا يفعلون قبل النسخ.
فعلى هذا القول: "مِن" لابتداء الغاية. ويجوز أن يكون قوله: "من المؤمنين" بياناً "لأولي الأرحام" على معنى: الأقرباء من هؤلاء بعضهم أولى بأن يرث بعضاً من الأجانب.
قوله تعالى: ﴿إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً﴾ قال الزمخشري (١) : هذا استثناء من أعم العام في معنى النفع والإحسان، كما تقول: القريب أولى من الأجنبي إلا في الوصية، تريد: أنه أحق منه في كل نفع من ميراث وهبة وهدية وصدقة وغير ذلك، إلا في الوصية.
والمراد بفعل المعروف: التوصية، فإنه لا وصية لوارث، وعُدّي "تفعلوا" بـ"إلى"، لأنه في معنى: تُسْدُوا وتزكوا. والمراد بالأولياء: المؤمنون والمهاجرون للولاية في الدين.
وقال الزجاج (٢) -وهو مذهب عامة المفسرين-: هذا استثناء ليس من الأول.

(١)... الكشاف (٣/٥٣٢).
(٢)... معاني الزجاج (٤/٢١٦).
(١/١٠٦)


الصفحة التالية
Icon