قوله تعالى: ﴿وتظنون بالله الظنون﴾ قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر: "الظُّنُونَا" و"الرسولا" و"السبيلا" بألف فيهن في الوصل والوقف. وقرأ أبو عمرو وحمزة بغير ألف في الحالين. وقرأ الباقون بألف في الوقف دون الوصل (١).
قال أبو علي (٢) : حجة من أثبت الألف في هذه الكلم في الوصل والوقف: أنها في المصحف كذلك، وهي رأسُ آية، ورؤوس الآي مشبّه بالقوافي (٣) من حيث كانت مقاطع، كما كانت القوافي مقاطع. وأنشد:
أقِلِّي اللومَ عَاذِلَ والعِتَابَا............................ (٤)
ومن حذف الألف منهن في الوصل والوقف فإنه أجرى ذلك على السنن الواضح المشهور في العربية، وأما كتابتها في المصحف بالألف؛ فإن في المصحف حروفاً كثيرة اللفظ بها مخالف لخطها، نحو قوله تعالى: ﴿ولأوضعوا خلالكم﴾ [التوبة: ٤٧] خطها في المصحف: "ولأأوضعوا" بألف بعد "لا". ومن أثبت الألف في هذه الكلم في الوقف وحذفها في الوصل؛ فإنه أراد أن يجتمع له الأمران: اتباع المشهور من سنن العربية، وموافقة خط المصحف، فحذف الألف في الوصل على

(١)... الحجة للفارسي (٣/٢٨١)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٥٧٢-٥٧٣)، والكشف (٢/١٩٤)، والنشر (٢/٣٤٧-٣٤٨)، والإتحاف (ص: ٣٥٣)، والسبعة (ص: ٥١٩).
(٢)... الحجة (٣/٢٨١).
(٣)... في الحجة: تُشبه بالفواصل.
(٤)... صدر بيت لجرير، وعجزه: (وقولي إن أصبت لقد أصابا). انظر: ديوانه (ص: ٨٩)، والدر المصون (٥/٤٠٥)، وخزانة الأدب (١/٦٩، ٣٣٨، ٣/١٥١)، وشرح أبيات سيبويه (٢/٣٤٩)، والكتاب (٤/٢٠٥، ٢٠٨)، وهمع الهوامع (٢/٩٢)، واللسان (مادة: خنا)، والخصائص (١/١٧١)، وشرح المفصل (٤/١١٥)، والمقتضب (١/٣٧٥).
(١/١١٣)


الصفحة التالية
Icon