قوله تعالى: ﴿أشحة عليكم﴾ قال الزجاج (١) : هو منصوب على الحال (٢). المعنى: لا يأتون الحرب إلا تعذيراً بُخَلاء عليكم.
وقد ذكرنا فيما مضى أن الشُّحّ أشد البخل. والمراد: بخلاً عليكم بالنفقة في سبيل الله والنصرة.
﴿فإذا جاء الخوف﴾ أي: فإذا حضر القتال واشتملوا بالخوف ﴿رأيتهم ينظرون إليك﴾ في تلك الحالة ﴿تدور أعينهم كالذي﴾ أي: كعين الذي ﴿يغشى عليه من الموت﴾ أي: من سكرات الموت وأسبابه، فيرهب ويذهب عقله ويشخص بصره فلا يطرف، كذلك هؤلاء تشخص أبصارهم لما يلحقهم من الخوف. ويقال للميت إذا شخص بصره: دارت عينه ودارت حَمَاليق عينه (٣). ذكر هذا المعنى الواحدي (٤).
وقال الماوردي (٥) :"فإذا جاء الخوف" فيه قولان:
أحدهما: فإذا جاء الخوف من قتال العدو إذا أقبل. وهذا قول السدي.
والثاني: الخوف من النبي - ﷺ - إذا غلب هؤلاء. وهذا قول ابن شجرة.
﴿رأيتهم ينظرون إليك﴾ خوفاً من القتال، على القول الأول، ومن النبي - ﷺ -، على القول الثاني.

(١)... معاني الزجاج (٤/٢٢٠).
(٢)... انظر: التبيان (٢/١٩١)، والدر المصون (٥/٤٠٧).
(٣)... حماليق العين: بياضها أجمع ما خلا السواد (اللسان، مادة: حملق).
(٤)... الوسيط (٣/٤٦٣).
(٥)... تفسير الماوردي (٤/٣٨٥).
(١/١٢٣)


الصفحة التالية
Icon