أبوابهم، وتركتهم في زلزال وبِلْبَال (١)، فسار إليهم فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة -وقيل: خمس عشرة ليلة- أشد الحصار، فأرسلوا إلى رسول الله - ﷺ -: أرسل إلينا أبا لبابة، فأرسله إليهم فشاوروه في أمرهم، فأشار إليهم أنه الذبح، ثم ندم وقال: خنت الله ورسوله (٢).
وقد ذكرنا قصته في سورة الأنفال (٣). ثم نزلوا على التحكيم في أنفسهم.
وفيمن نزلوا على حكمه قولان:
أحدهما: أنهم نزلوا على حكم رسول الله - ﷺ -، فأمر بهم رسول الله - ﷺ - فكتفوا ونحّوا ناحية، وجعل النساء والذرية ناحية، وكلمت الأوس رسول الله - ﷺ - أن يهبهم لهم، وكانوا حلفاءهم، فجعل رسول الله - ﷺ - الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ. هكذا ذكره محمد بن سعد (٤).
الثاني: أنهم أولاً نزلوا على حكم سعد بن معاذ رجاء أن يأخذه فيهم هوادة للحلف الذي كان بينهم وبين الأوس، فحكم فيهم أن يقتل كل من جرت عليه المواسي، وأن تسبى ذراريهم ونساءهم، وأن تقسم أموالهم، فقال رسول الله - ﷺ - لسعد: " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة "، ثم استنزلوهم فحبسهم رسول الله - ﷺ - في دار بنت الحارث -امرأة من بني النجار- ثم أخرجهم

(١)... أي: تركهم في اضطراب وهياج واختلاط وتشتت من الأمر.
(٢)... أخرجه الطبري (٢١/١٥٠). وذكره السيوطي في الدر (٦/٥٩١) وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣)... عند قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول...﴾ [٢٧].
(٤)... الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/٧٤-٧٥).
(١/١٣٥)


الصفحة التالية
Icon