"إنّ"، ألا ترى أنك لو قلت: عمراً إنّ زيداً ضارب، لا ينتصب عمراً بضارب.
قوله تعالى: ﴿أفترى على الله كذباً﴾ هذا قول منكري البعث، قال بعضهم لبعض على وجه التعجب [والإنكار] (١) لما أخبرهم به من البعث بعد الموت: ﴿أفترى على الله كذباً﴾، وهذه همزة الاستفهام دخلت على همزة الوصل، وحذفت التي للوصل لوقوع الاستغناء عنها، وإنما لم تسقط في قوله: "السحر" لخوف الالتباس، لكون همزة الخبر مفتوحة كهمزة الاستفهام، و"أَمْ" معادلة لهمزة [الاستفهام] (٢).
فردَّ الله عليهم فقال: ﴿بل﴾ أي: ليس الأمر على ما قالوه من الافتراء أو الجنون، ﴿بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب﴾ يعني: في الآخرة ﴿والضلال البعيد﴾ عن الهدى في الدنيا.
وقال السدي: "الضلال البعيد": هو الشقاء الطويل (٣).
قوله تعالى: ﴿أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض﴾ استفهام في معنى التقرير لهم بإحاطة السماء والأرض بهم حيث نظروا وتوجهوا.
ومقصود ذلك: [تذكيرهم] (٤) بقدرة الله تعالى عليهم وتخويفهم من سطوته وبطشته، ألا تراه يقول: ﴿إن يشأ يخسف بهم الأرض﴾. وهذا المعنى قول قتادة

(١)... في الأصل: والإكار.
(٢)... في الأصل: الاسم ستفهام.
(٣)... ذكره الماوردي (٤/٤٣٤).
(٤)... في الأصل: تذكرهم.
(١/٢١٤)


الصفحة التالية
Icon