وهو وارد على المثل السائر: "إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة".
﴿قالوا﴾ يعني: الملائكة إظهاراً لبراءتهم من الرضى بعبادتهم ﴿سبحانك أنت ولينا من دونهم﴾ الذي نواليك من دونهم، ﴿بل كانوا يعبدون الجن﴾ يريدون: الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله تعالى، ﴿أكثرهم بهم مؤمنون﴾ أي: أكثر المشركين بالجن الشياطين مصدقون، أي: يصدقونهم فيما يخبرونهم به من الباطل.
﴿فاليوم لا يملك بعضكم لبعض﴾ يعني: العابدين والمعبودين ﴿نفعاً ولا ضراً﴾ ؛ لأن الأمر في الثواب يوم القيامة لله وحده، لم يفوض إلى أحد من خلقه فيه أمراً، ولم يجعل له سلطاناً كحال الدنيا.
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (٤٥)
قوله تعالى: ﴿وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير﴾ هذا إيذان بفرط جهل العرب وإشعار أن ردهم وتكذيبهم لم يصدر عن تثبت وفكر وعلم، على ما هو المتعامل من عادة ذوي البصائر المضيئة بنور العلم، فإنهم إن صدر منهم تكذيب فلشبهة تقوم في نظرهم يضعف قوى علمهم عن دفعها.
(١/٢٥٤)