النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ
قوله تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي البَحْرَانِ﴾ يعني: العذب والملح.
ثم ذكرهما منبهاً على المعنى الذي بسببه وقع التفاوت بينهما، فقال تعالى: ﴿هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ... الآية﴾ وقد سبق تفسيرها وتفسير ما بعدها إلى قوله تعالى: ﴿وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ وهذا على سبيل الفرض والتقدير.
وحاصل ذلك: ما ذكره المفسرون فيه أن المعنى: ولو سمعوا لم يكن عندهم إجابة. ولم يذكر أحد منهم مانع الإجابة ما هو، غير أن صاحب الكشاف (١) قال: ﴿مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ لأنهم لا يدعون ما تدعون من الإلهية، ويتبرؤون منها.
ويحتمل عندي أن يكون المعنى: ولو سمعوا بأن يخلق الله لها سمعاً ما استجابوا لكم؛ لتوقف حصول الإجابة على أسباب؛ منها: القدرة على النفع والدفع. أو يكون التقدير: ولو سمعوا دعاءكم ما أجابوكم، لانتفاء قدرتهم على الكلام، إذ لا يلزم من وجود [السمع] (٢) وجود النطق، ألا تراه يقول: ﴿وَيَوْمَ القيَامَةِ يَكْفُرُونَ بشِرْكِكُمْ﴾ أي: ويوم القيامة إذ أفهمهم وأنطقهم وركَّب فيهم الميز ﴿يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾، أي: بإشراككم لهم وعبادتكم إياهم، وهو قولهم: {ما كُنتم

(١)... الكشاف (٣/٦١٥).
(٢)... زيادة على الأصل.
(١/٢٨١)


الصفحة التالية
Icon