يعني: محقاً أو محقين، أو صفة للمصدر، أي: إرسالاً [مصحوباً] (١) بالحق (٢)، ﴿بشيراً﴾ بالجنة، ﴿ونذيراً﴾ بالنار، ﴿وإن من أمة﴾ أي: وما من أهل عصر ﴿إلا خلا فيها﴾ أي: سَلَفَ فيها ﴿نذير﴾.
وهذا يدل على أنه لا تخلو الأرض من قائم لله بالحجة، فإنه لا يذهب عصرٌ إلا وفيه رسول أو نبي أو رباني يقوم بأعباء النذارة والبشارة، نيابة عن الرسول المبعوث بهما.
فإن قيل: هلاَّ قال: "وإن من أمة إلا خلا فيها بشير ونذير" ليكون عجز الآية مطابقاً لصدرها؟
قلتُ: البشارة والنذارة متلازمان، فذكر أحدهما ذكر لهما.
وإن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (٢٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِن اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
وما بعده مُفسر فيما مضى إلى قوله تعالى: ﴿مختلفاً ألوانها﴾ أي: أجناسها؛ من

(١)... في الأصل: محصوباً. والتصويب من الكشاف (٣/٦١٧).
(٢)... هذا قول الزمخشري في الكشاف (٣/٦١٧).
(١/٢٨٥)


الصفحة التالية
Icon