وفي معنى الكلام وجهان:
أحدهما: منعناهم بموانع سَدَّتْ عليهم مسالك الهدى.
الثاني: سددنا عليهم طريق الوصول إلى الرسول حين مكروا به وأجمعوا على قتله - ﷺ -. وهذا معنى قول السدي (١).
﴿فأغشيناهم﴾ أي: أغشينا بصائرهم بالأكنّة الصادرة لها من النظر إلى الهدى. وهذا على الوجه الأول.
وقال السدي: فأغشينا أبصارهم بظلمة الليل فهم لا يبصرون النبي - ﷺ - (٢).
يشير إلى أنهم أرادوا اغتياله ليلاً فحالت الظلمة بينهم وبينه.
وقرأ ابن عباس وعكرمة وقتادة والحسن وسعيد بن جبير: "فأعشيناهم" بالعين المهملة (٣)، من عَشِيَ يَعْشَى؛ إذا ضَعُفَ بصرُه (٤).
والآية.. هذه إخبار بأن الإنذار وعدمه سيان بالنسبة إليهم حيث أغشيت أبصارهم وشدت عليهم.. الإيمان.
وقد ثبت بطرق صحيحة (٥) : أن عمر بن عبد العزيز دعا غيلان القدري فقال: يا غيلان! بلغني أنك تتكلم في القدر؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنهم يكذبون عليّ، فقال: يا غيلان، اقرأ أول سورة يس، فقرأ: ﴿يس والقرآن الحكيم﴾ إلى قوله تعالى:
(٢)... مثل السابق.
(٣)... إتحاف فضلاء البشر (ص: ٣٦٣). وانظر: زاد المسير (٧/٨).
(٤)... انظر: اللسان، مادة: (عشا).
(٥)... أخرجه الثعلبي في تفسيره (٨/١٢٢).
(١/٣١٤)