بهما إلى منزله، فمسحا ابنه فقام في الوقت صحيحاً بإذن الله تعالى، وفشى خبرهما في المدينة، فشفى الله تعالى بهما خلقاً كثيراً من المرضى، وآمن حبيب وجعل يعبد ربه متخفياً في غار، فدعا بهما الملك وسمع كلامهما، وأفضى الحال إلى أن ضُربا وحُبسا وكُذِّبا، فبعث عيسى عليه السلام رأس الحواريين شمعون الصفا لينصرهما، فدخل البلدة متلطفاً (١) حتى دخل على الملك، فلما أنس به قال له: أيها الملك! بلغني أنك حبست رجلين وضربتهما حين دعوك إلى دينهما، فإن رأى الملك أن يتطلع ما عندهما، فدعاهما الملك، فقال لهما شمعون -يقصد استرواح الملك بألطف الطرق-: من أرسلكما؟ قالا: الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك، فقال: صِفَاهُ لي وأوجزا. قالا: إنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فقال: وما آيتكما؟ فقالا: ما يتمنّاه، فأمر الملك بغلام مطموس العينين فأحضر، فما زالا يدعوان ربهما حتى انشق موضع البصر، فأخذا بندقتين من الطين فوضعاها في حدقتيه، فصارتا مُقلتين يُبصر فيهما، فعجب الملك، فقال شمعون -رأس الحواريين- للملك: سَلْ إلهك أن يصنع مثل هذا فيكون لك البشرى والملك، فقال له الملك: ليس لي عندك سراً، إن إلهنا لا يبصر ولا يسمع، ولا يضر ولا ينفع، وكان شمعون يدخل على الصنم مع الملك فيصلي كثيراً ويبكي ويتضرع، حتى ظنوا أنه على ملّتهم، فقال الملك للرسولين: إن قدر إلهكما على إحياء ميت آمنا به، فقالا: إن إلهنا قادر على كل شيء، فقال الملك: إن هاهنا ميتاً مات منذ سبعة أيام ابن دُهْقَان (٢)، وقد أخَّرْتُ دفنه حتى يقدم أبوه، وكان غائباً، فجاؤوا بالميت وقد تغير، فجعلا يدعوان ربهما،

(١)... أي: متخفياً ومتنكراً.
(٢)... الدُّهْقَان: التاجر، فارسي معرّب.
(١/٣٢٠)


الصفحة التالية
Icon